هذا، والله تعالى أعلى وأعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الطيب يجيب عن سؤال: لماذا يتبنى الأزهر المذهب الأشعري؟ في كلمة لشيخ الأزهر حول تجديد الخطاب الديني، كشف الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر عن سبب تمسك الأزهر بالمذهب الأشعري، ولماذا ظل يتمسك به طوال 10 قرون هي تاريخ وعمر الأزهر، مؤكدا أن السبب الرئيسي في ذلك يرجع إلى أن هذا المذهب كان انعكاسا صادقا أمينا لما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته وتابعوهم من يسر وبساطة في الدين. من هم الأشاعرة وعن ماهية هذا المذهب وحقيقته وهل هو مذهب خامس يختلف عن المذاهب الأربعة أم أنه يتبع أحدهم؟ ومن هو الأشعري وما الذي يميز مذهبه؟ تقدم "العربية. نت" الإجابات عن كل هذه الأسئلة. وقال الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الأزهر تبنى المذهب الأشعري، وروَّجه في سائر أقطار المسلمين، لأنه وجد فيه العلاج الناجع لأمراض وعلل أصابت الفكر الديني، خاصة في القرنين الماضيين، بسبب فرض المذهب الواحد والرأي الواحد الذي قضى على مكمن القوة في أمة الإسلام ووضعها في ذيل قائمة الأمم، مضيفا أنه ومع تمسك الأزهر وعلمائه بالمذهب الأشعري فإنه أفسح المجال واسعا لكل المذاهب الكلامية الأخرى، وينظر إليها بحسبانها مذاهب إسلامية تستظل بظلال الإسلام الوارفة التي يستظل بها كل من ينطق بالشهادتين ويصلي إلى القبلة ويأتي أركان الإسلام والإيمان.
فهذا تصريح منه برجوعه إلى مذهب السلف الذين يمثلهم الإمام أحمد ، وأنه قائل بأقواله ، مخالف لما خالفها ، والإمام أحمد نفسه كان شديدا على الكلابية ، ولذلك هجر الحارث المحاسبي لكونه كلابيا. والقول الثاني: أن الأشعري لم يرجع عن مذهب الكلابية رجوعا كاملا ، وإنما اقترب من أهل السنة والجماعة في كثير من المسائل. ورجّح هذا القول: ابن تيمية وابن القيم وغيرهما ، وإن كان الأشعري في " الإبانة " قد قرب كثيرا من مذهب أهل السنة إلا أنه قد بقيت عليه بقايا من مذهب ابن كلاب. يقول ابن تيمية: " والأشعري ، وإن كان من تلامذة المعتزلة ثم تاب ، فإنه كان تلميذ الجبائي ، ومال إلى طريقة ابن كلاب ، وأخذ عن زكريا الساجي أصول الحديث بالبصرة ، ثم لما قدم بغداد ، أخذ عن حنبلية بغداد أمورا أخرى ، وذلك آخر أمره ، كما ذكره هو وأصحابه في كتبهم ". انتهى من " مجموع الفتاوى " (3/228). وينظر " موقف ابن تيمية من الأشاعرة " للشيخ عبد الرحمن المحمود (1/390). وغالب المتأخرين من الأشاعرة ، لا يلتزمون مذهب أبي الحسن الأشعري ، بل خلطوا مذهبهم بكثير من أصول الجهمية والمعتزلة ، بل والفلاسفة أيضا ؛ وخالفوا الأشعري في كثير من أقواله ، فهم ينفون صفة الاستواء لله والعلو والنزول واليد والعين والقدم والكلام وهذه الصفات كلها يخالفون فيها الأشعري نفسه.
وإذا سألت هل لها وجود الآن! ؟ نعم. كل شيعي فهو معتزلي، خذوا هذه قاعدة: كل شيعي بدءًا من أقرب الشيعة إلى السُّنَّة، وهم: الزيدية، ونهايةً إلى أبعدهم الإمامية الجعفرية كلهم على عقيدة الإعتزال في العقيدة، هذه قاعدة. هذه المعتزلة عاش فيها أبو الحسن الأشعري نحو أربعين عامًا حتى أصبح إمامًا بعد عمِّه، ولكن أراد الله، اختلف مع عمِّه في بعض المسائل منها: هل يجب على الله أن يفعل لعباده الأصلح فالأصلح؟! على عقيدة المعتزلة. أبو الحسن أنكر بفطرته كون العبد يقول: يجب على الله أن يفعل كذا وكذا ففارقه، فجعل يبحث عن الحق، يشبه موقفه موقف سلمان الفارسي الذي فارق المجوسية ليبحث عن الحق وعكف عند الرهبان حتى هداه الله، ولحق برسول الله - عليه الصلاة والسلام - بالمدينة، تمامًا يشبه هذا، أبو الحسن خرج من الإعتزال فيبحث عن الحق وعكف عند ابن كُلاَّب فأخذ العقيدة الكُلاَّبية، ولكن لكونه كان إمامًا ومشهورًا، ولكونه عالي النسب، مشهور النسب، نُسِيَ صاحبُ العقيدة الكُلابيُّ فنُسي؛ فنسبت إليه العقيدة الأشعرية وهي التفريق بين الصفات، بدلاً أن تُنفى جميعُ الصفات على طريقة المعتزلة، يُفرَّق بين الصفات، ما كان من الصفات العقلية يُثبت لله، وما كان من الصفات الخبرية يُؤوَّل، هذه طريقة الأشعرية، عاش على هذا فترةً من الزمن وأخيرًا كما لحق سلمان الفارسي برسول الله - عليه الصلاة والسلام - وهداه الله إلى الحق، لحق أبو الحسن بمنهج السلف الصالح، وألَّف كتابًا سماه ((الإبانة))، وذكر في مقدمته - الكتاب مطبوع موجود - أنه على طريقة إمام أهل السنة والجماعة يعني: الإمام أحمد بن حنبل، وأثنى عليه ثناءً عاطرًا يليق به في مقدمة الكتاب، فأعلن أنه رجع إلى منهج السلف الصالح.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت. محمد الحسن الددو الشنقيطي أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط. 25 5 95, 686
وأضاف أن الأزهر وهو يتبنى مذهب الأشعري، فإنه لا يتبناه تعصبا لمذهب ولا لإمام من الأئمة، ولكن لأن هذا المذهب لم يكن أمرا مخترعا أو محدثا في الدين، بل كان انعكاسا صادقا أمينا لما كان عليه النبي وصحابته وتابعوهم من يسر وبساطة في الدين عقيدة وشريعة وأخلاقا، وهذه قضية تخفى على كثير ممَّن يكتبون الآن عن المذهب الأشعري، وأعني بها أن الأشعري لم يخترع مذهبا جديدا كمذهب الاعتزال أو المذاهب الأخرى التي يسهل على الباحث أن يعثر فيها على أنظار ودقائق تصطدم اصطداما صريحا بنصوص الكتاب والسنة. وأكد أن ما فعله الأشعري هو صياغة مذهب عقائدي ينصر فيه القرآن والسنة بدلالات العقول وببيان أن نصوص الوحي تستقيم على طريق العقل الخالص إذا تجرد من شوائب الهوى ولجاج الجدل والأغاليط، حيث يقول الإمام البيهقي فيما ينقله ابن عساكر: "لم يحدث الأشعري في دين الله حدثا، ولم يأت فيه ببدعة، بل أخذ أقاويل الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة في أصول الدين، فنصرها بزيادة شرح وتبيين، وأن ما قالوا في الأصول وجاء به الشرع صحيح في العقول، خلاف ما زعم أهل الأهواء من أن بعضه لا يستقيم في الآراء. عقيدة الاشاعرة باختصار وكان للدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر،رأي أيضا صرح به أن المذهب الأشعري ليس مذهبا فقهيا على غرار المذاهب الفقهية الأربعة الحنابلة والمالكية والشافعية والحنفية، بل هو مذهب عقائدي يعنى بأمور العقائد الإيمانية، وهو المقابل لمذهب المعتزلة والمرجئة والسلفية، ويتميز بالجمع بين النقل والعقل، كما أنه يفسر الأمور المتعلقة بالعقيدة وفق العقل ودلالات النص.
السؤال: ما هي عقيدة الأشعري؟ الإجابة: إن الأشعري أبا الحسن علي بن إسماعيل من ذرية أبي موسى الأشعري هو من أئمة الدين ومن المحدثين والأصوليين والقراء، وقد اجتهد في بعض أمور الدين فأصاب في بعضها وأخطأ في بعضها، فما اجتهد فيه من العقائد بعضه صواب لا غبار عليه وبعضه خطأ بيّنٌ واضح، فلذلك لا حرج في تقليده في الصواب الذي أصاب فيه في حق من لا يعرف الدليل ولا يستطيعه، ولا يجوز تقليده فيما أخطأ فيه في حق من عرف أنه خطأ، وهذا أيضاً هو مذهب الأشعري وهو مذهب كل مجتهد من المجتهدين من أهل الدين، يرون موافقتهم فيما وافق الشرع ويرون عدم تقليدهم فيما خالف الشرع لدى الإنسان نفسه، فالخطاب الذي تخاطب به بين يدي الله ليس مقتضى عقل الأشعري ولا عقل مالك ولا عقل الشافعي ، إنما تخاطب على مقتضى عقلك أنت، وما بلغك من الشرع، فما ترجح لديك لا تُعذر في تركه ولو خالفه جمهور الناس، إذا ترجح لديك أن هذا النص ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهمته بمقتضى اللغة وأنت من أهل الفهم في الشرع فهمته فهما لا يحل لك تركه بما لم تعرف دليله، ولو أتاك الأشعري نفسه وخاطبك بذلك، أو أتاك مالك وخاطبك به لا يحل لك العدول عن الدليل إذا عرفته، فلذلك لا يقال: عقيدة الأشعري باطلة مطلقاً ولا صحيحة مطلقاً، بل هي اجتهادات فيها صواب وفيها خطأ.